فصل: الحرب بين السلطان سنجر وأتسز خوارزم شاه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» **


  قتل صاحب هراة

كان صاحب هراة الأمير اتكين وبينه وبين الغز مهادنة‏.‏فلما قتل الغز ملك الغور محمد بن الحسين كما مر في أخباره طمع أتكين في بلاده فجمع جموعه وسار إليها في رمضان سنة تسع وخمسين وتوغل في بلاد الغور فقاتله أهلها وهزموه وقتل في المعركة‏.‏وقصد الغز هراة وقد اجتمع أهلها على أثير الدين منهم فاتهموه بالميل للغز وقتلوه واجتمعوا على أبي الفتوح بن علي بن فضل الله الطغراني‏.‏ثم بعثوا إلى المؤيد بطاعتهم فبعث إليهم مملوكه سيف الدين تنكز فقام بأمرهم وبعث جيشاً إلى سرخس ومرو وأغاروا على دواب الغز فأفرجوا عن هراة ورجعوا لطاعته والله تعالى أعلم‏.‏ملك شاه مازندران قومس وبسطام ووفاته قد ذكرنا

  استيلاء المؤيد على قومس وبسطام وولاية مولاه تنكز عليها

‏.‏ثم إن شاه مازندران وهو رستم بن علي بن هربار بن قاروت جهز إليها عسكراً مع سابق الدين القزويني من أمرائه فملك دامغان وسار إليه تنكز فيمن معه من العسكر فكبسهم القزويني وهزمهم واستولى على البلاد‏.‏وعاد تنكز إلى المؤيد بنيسابور وجعل يغير على بسطام وقومس‏.‏ثم توفي شاه مازندران في ربيع سنة ستين فكتم ابنه علاء الدين موته حتى استولى على حصونه وبلاده‏.‏ثم أظهره وملك مكانه ونازعه إتياق صاحب جرجان ودهستان ولم يرع ما كان بينه وبين أبيه فلم يظفر بشيء والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

  حصر عسكر المؤيد نسا

ثم بعث المؤيد عساكره في جمادى سنة ستين لحصار مدينة نسا فبعث خوارزم شاه بك أرسلان بن أتسز في عساكره إليها فأجفلت عنها عساكر المؤيد ورجعوا إلى نيسابور وصارت نسا في طاعة خوارزم شاه وخطب له فيها‏.‏ثم سار عسكر خوارزم إلى دهستان وغلبوه عليها وأقام فيها بطاعته والله أعلم‏.‏

  الحرب بين البهلوان وصاب مراغة

ثم بعث أقسنقر الأحمديلي صاحب مراغة سنة ثلاث وستين إلى بغداد في الخطبة للملك الذي عنده وهو ابن السلطان محمد شاه على أن يتجافى عن العراق ولا يطلب الخطبة منه إلا إذا أسعف بها فأجيب بالوعد الجميل وبلغ الخبر إلى ايلدكز صاحب البلاد فبعث ابنه البهلوان في العساكر لحرب أقسنقر فحاربه وهزمه وتحصن بمراغة فنازله البهلوان وضيق عليه وتردد بينهما الرسل واصطلحوا وعاد البهلوان إلى أبيه بهمذان‏.‏

  ملك شملة فارس وإخراجه عنها

كان زنكي بن دكلا قد أساء السيرة في جنده فأرسلوا إلى شملة صاحب خوزستان واستدعوه ليملكوه فسار ولقي زنكي وهزمه ونجا إلى الأكراد الشوابكار وملك شملة بلاد فارس فأساء السيرة في أهلها ونهب ابن أخيه خرسنكا البلاد فنفر أهل فارس عنه ولحق بزنكي بعض عساكره فزحف إلى فارس وفارقها شملة إلى بلاده خوزستان وذلك كله سنة أربع وستين وخمسمائة‏.‏

  ملك ايلدكز الري

كان اينانج قد استولى على الري واستقر فيها بعد حروبه مع ايلدكز على جزية يؤديها إليه‏.‏ثم منع الضريبة واعتذر بنفقات الجند فسار إليه إيلدكز سنة أربع وستين وحاربه اينانج فهزمه ايلدكز وحاصره بقلعة طبرك وراسل بعض مماليكه ورغبهم فغمروا به وقتلوه‏.‏واستولى ايلدكز على طبرك وعلى الري وولى عليها علي بن عمر باغ ورجع إلى همذان وشكر لموالي اينانج الذين قتلوه ولم يف لهم بالوعد فافترقوا عنه‏.‏وسار الذي تولى قتله إلى خوارزم شاه فصلبه لما كان بينه وبين اينانج من الوصلة والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق بمنه وكرمه‏.‏

  وفاة صاب كرمان والخلف بين أولاده

ثم توفي سنة خمس وستين الملك طغرل بن قاروت بك صاحب كرمان وولي ابنه أرسلان شاه مكانه ونازعه أخوه الأصغر بهرام شاه فحاربه أرسلان وهزمه فلحق بالمؤيد في نيسابور فأنجده بالعساكر‏.‏وسار إلى أخيه أرسلان فهزمه وملك كرمان ولحق أرسلان بأصفهان مستنجداً بألدكز فأنجده بالعساكر وارتجع كرمان ولحق بهرام بالمؤيد وأقام عنده‏.‏ثم هلك أرسلان فسار بهرام إلى كرمان وملكها‏.‏ثم توفي المستنجد وولي ابنه المستضيء‏.‏ولم نترجم لوفاة الخلفاء هاهنا لأنها مذكورة في أخبارهم وإنما ذكرناها قبل هؤلاء لأنهم كانوا في كفالة السلجوقية وبني بويه قبلهم فوفاتهم من جملة أخبار الدولتين‏.‏وهؤلاء من لدن المقتفي قد استبدوا بأمرهم وخلافتهم من بعد ضعف السلجوقية بوفاة السلطان مسعود وافترقت دولتهم في نواحي المشرق والمغرب‏.‏واستبد بها الخلفاء ببغداد ونواحيها ونازعوا من قبلهم أنهم كانوا يخطبون لهم في أعمالهم ونازعهم فيها مع ذلك حرصاً على الملك الذي سلبوه وأصبحوا في ملك منفرد عن أولئك المنفردين مضافاً إلى الخلافة التي هي شعارهم وتداول أمرهم إلى أن انقرضوا بمهلك المستعصم على يد هولاكو‏.‏

  وفاة خوارزم شاه وولاية ابنه سلطان شاه

ومنازعته مع أخيه الأكبر علاء الدين تكش لما انهزم خوارزم شاه أرسلان أمام الخطا رجع إلى خوارزم فمات سنة ثمان وستين‏.‏وولي ابنه سلطان شاه فنازعه أخوه الأكبر علاء الدين تكش واستنجد بالخطا وسار إلى خوارزم فملكها ولحق سلطان شاه بالمؤيد صريخاً فسار معه بجيوشه ولقيهم تكش فانهزم المؤيد وجيء به أسيراً إلى تكش فقتل بين يديه صبراً‏.‏وعاد أصحابه إلى نيسابور فولوا ابنه طغان شاه أبو بكر ابن المؤيد وكان من أخبار طغان شاه وتكش ما نذكره في أخبار دولتهم وفي كيفية قتله خبر آخر نذكره هنالك‏.‏ثم سار خوارزم شاه سنة تسع وستين إلى نيسابور وحاصرها مرتين ثم هزم في الثانية طغان شاه بن المؤيد وأخذه أسيراً وحمله إلى خوارزم وملك نيسابور وأعمالها وجميع ما كان لبني المؤيد بخراسان وانقرض أمرهم والبقاء لله وحده والله تعالى أعلم‏.‏

  وفاة الأتابك شمس الدين في ايلدكز وولاية ابنه محمد البهلوان

ثم توفي الأتابك شمس الدين ايلدكز أتابك أرسلان شاه بن طغرل صاحب همذان وأصفهان والري وأذربيجان وكان أصله مملوك الكمال الشهير ابن وزير السلطان محمود‏.‏ولما قتل الكمال صار السلطان وترقى في كتب الولاية‏.‏فلما ولي السلطان مسعود ولاه أرانية فاستولى عليها وبقيت طاعته للملوك على البعد واستولى على أكثر أذربيجان‏.‏ثم ملك همذان وأصفهان والري وخطب لربيبه أرسلان بن طغرل وبقي أتابك‏.‏وبلغ عسكره خمسين ألفاً واتسع ملكه من تفليس إلى مكران وكان متحكماً على أرسلان وليس له من الدولة إلا جراية تتصل إليه ، ^? ولما هلك إيلدكز قام بالأمر بعده ابنه محمد البهلوان وهو أخو السلطان أرسلان لأمه فسار أول ملكه لإصلاح أذربيجان وخالفه ابن سنكي وهو ابن أخي شملة صاحب خوزستان إلى بلد نهاوند فحاصرها‏.‏ثم تأخر ابن سنكي من تستر وصحبهم من ناحية أذربيجان يوهمهم أنه مدد البهلوان ففتحوا له البلد ودخل فطلب القاضي والأعيان ونصبهم وتوجه نحو ماسبذان قاصداً العراق ورجع إلى خوزستان‏.‏ثم سار شملة سنة سبعين وقصد بعض التركمان فاستنجدوا البهلوان بن إيلدكز فأنجدهم وقاتلوه فهزموه‏.‏وأسر شملة جريحاً وولده وابن أخيه‏.‏وتوفي بعد يومين وهو من التركمان الأتسزية وملك ابنه من بعده‏.‏وسار البهلوان سنة سبعين إلى مدينة تبريز وكان صاحبها أقسنقر الأحمديلي قد هلك وعهد بالملك بعده لابنه ملك الدين فسار إلى بلاده وحاصر مراغة وبعث أخاه فنزل وعاد عن مراغة إلى همذان والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

  وفاة السلطان أرسلان بن طغرل

ثم توفي السلطان أرسلان بن طغرل مكفول البهلوان بن إيلدكز وأخوه لأمه بهمذان سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة وخطب بعده لابنه طغرل‏.‏

  وفاة البهلوان محمد بن ايلدكز وملك أخيه قزل

ثم توفي البهلوان محمد بن ايلدكز أول سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة وكانت البلاد والرعايا في غاية الطمأنينة فوقع عقب موته بأصفهان بين الحنفية والشافعية وبالري بين أهل السنة والشيعة فتن وحروب آلت إلى الخراب وملك البلاد بعد البهلوان أخو قزل أرسلان واسمه عثمان وكان البهلوان كافلا للسلطان طغرل وحاكماً عليه‏.‏ولما هلك قزل لم يرض طغرل بتحكمه عليه وفارق همذان ولحق به جماعة من الأمراء والجند وجرت بينه وبين قزل حروب‏.‏ثم غلبه طغرل إلى الخليفة فأمره بعمارة دار السلطان فطرد رسوله وهدمت دار السلطنة وألحقت بالأرض وبعث الخليفة الناصر لدين الله سنة أربع وثمانين عسكراً مع وزيره جلال الدين عبيد الله بن يونس لانجاده قزل على طغرل قبل همذان وهزمهم ونهب جميع ما معهم وأسر الوزير ابن يونس‏.‏

  قتل قزل أرسلان قطلغ وولاية أخيه

قد تقدم لنا ما كان بين السلطان طغرل وبين قزل بن ايلدكز من الحروب ثم إن قزل غلبه واعتقله في بعض القلاع ودانت له البلاد وأطاعه ابن دكلا فارس وخوزستان وعاد إلى أصفهان والفتن بها متصلة فأخذ جماعة من أعيان الشافعية وصلبهم وعاد إلى همذان وخطب لنفسه بالسلطنة سنة سبعة وثمانين‏.‏ثم قتل غيلة على فراشه ولم يعرف قاتله‏.‏وأخذ جماعة من غلمانه بالظنة وكان كريماً حليماً يحب العدل ويؤثره‏.‏ولما هلك ولي من بعده قتلغ بن أخيه البهلوان واستولى على الممالك التي كانت بيده‏.‏

  قتل السلطان طغرل وملك خوارزم شاه الري

ووفاة أخيه سلطان شاه ولما توفي قزل وولي قطلغ ابن أخيه البهلوان كما قلناه أخرج السلطان طغرل من محبسه بالقلعة التي كان بها واجتمع إليه العساكر وسار إلى همذان فلقيه قطلغ بن البهلوان فانهزم بين يديه ولحق بالري وبعث إلى خوارزم شاه علاء الدين تكش ليستنجده فسار إليه سنة ثمان وثمانين وندم قطلغ على استدعائه فتحصن ببعض قلاعه وملك خوارزم شاه الري وملك قلعة طبرك وصالح السلطان طغرل وولى على الري وعاد إلى خوارزم سنة تسعين فأحدث أحدوثة السلطان شاه نذكره في أخبارهم‏.‏وسار السلطان طغرل إلى الري فأغار عليها وفر منه قطلغ بن البهلوان وبعث إلى خوارزم شاه يستنجده ووافق ذلك وصول منشور من الخليفة إليه بإقطاعه البلاد فسار من نيسابور إلى الري وأطاعه قطلغ وسار معه إلى همذان‏.‏وخرج طغرل للقائهم قبل أن يجمع العساكر ولقيهم قريباً من الري في ربيع الأول فحمل عليهم وتورط بينهم فصرع عن فرسه وقتل‏.‏وملك خوارزم شاه همذان وتلك البلاد جميعاً‏.‏وانقرضت مملكة بني ملك شاه وولي خوارزم شاه على همذان وملك الأعمال فبلغ اينانج بن البهلوان وأقطع كثيراً منها مماليكه وقدم عليهم مساحق منهم‏.‏ثم استولى وزير الخليفة ابن العطاف على همذان وأصفهان والري من يد مواليه وانتزعها منهم خوارزم كما ذكرناه في أخبار الخلفاء‏.‏وجاءت العساكر من قبل الخليفة إلى همذان مع أبي الهيجاء الشمس من أمراء الأيوبية وكان أميراً على القدس فعزلوه عنها وسار إلى بغداد فبعثه الناصر سنة ثلاث وتسعين بالعساكر إلى همذان ولقي عندها أزبك بن البهلوان مطيعاً فقبض عليه وأنكر الخليفة ذلك وبعث بإطلاقه وخلع عليه وعاد إلى بلاد أذربيجان‏.‏

  ملك الكرج الدويرة

كان أزبك بن البهلوان قد استولى على أذربيجان بعد موته وكان مشغولا بلذاته فسار الكرج إلى مدينة دويرة وحاصروها وبعث أهلها إليه بالصريخ فلم يصرخهم حتى ملكها الكرج عنوة واستباحوها والله تعالى أعلم‏.‏قتل كوجة ببلاد الجبل وملك أيدغمش كان كوجة من موالي البهلوان قد تغلب على الري وهمذان وبلاد الجبل واصطنع صاحبه أيدغمش ووثق به فنازعه الأمر وحاربه فقتله واستولى أيدغمش على البلاد وبقي أزبك بن البهلوان مغلباً ليس له من الحكم شيء‏.‏

  قصد صاحب مراغة وصاب إربل أذربيجان

قد ذكرنا أن أزبك كان مشغولا بلذاته مهملا لملكه ثم حدثت بينه وبين صاحب إربل وهو مظفر الدين كوكبري سنة اثنتين وستمائة فتنة حملت مظفر الدين على قصده فسار إلى مراغة واستنجد صاحبها علاء الدين بن قرا سنقر الأحمديلي فسار معه لحصار تبريز وبعث أزبك الصريخ إلى أيدغمش بمكانه من بلاد الجبل فسار إليه وأرسل مظفر الدين بالفتن والتهديد فعاد إلى بلده وعاد علاء الدين بن قرا سنقر إلى بلاد مراغة فسار أيدغمش وأزبك وحاصروه بمراغة حتى سلم قلعة من قلاعه ورجعوا عنه والله تعالى أعلم‏.‏

  وفاة صاب مازندران والخلف بين أولاده

ثم توفي حسام الدين أزدشير صاحب مازندران وولي ابنه الأكبر وأخرج أخاه الأوسط عن البلاد فلحق بجرجان وبها علي شاه برتكش نائباً عن أخيه خوارزم فاستنجده على شرط الطاعة له وأمره أخوه تكش بالمسير معه فساروا من جرجان وبلغهم في طريقهم مهلك صاحب مازندران المتولي بعد أبيه وأن أخاه الأصغر استولى على الكراع والأموال فساروا إليه وملكوا البلاد ونهبوها مثل سارية وآمد وغيرها وخطب لخوارزم شاه فيها وعاد علي شاه إلى خراسان وأقام ابن صاحب مازندران وهو الأوسط الذي استصرخ به وقد امتنع أخوه الأصغر بقلعة كوري ومعه الأموال والذخائر وأخوه الأوسط فراسله واستعطف وقد ملك ملك ابن البهلوان مراغة ثم توفي سنة أربع وستمائة علاء الدين بن قرا سنقر الاحمديلي صاحب مراغة وأقام بأمرها من بعده خادمه ونصب ابنه طفلاً صغيراً وعصى عليه بعض الأمراء‏.‏وبعث العسكر لقتاله فانهزموا أولاً ثم استقر ملك الطفل‏.‏ثم توفي سنة خمس وستمائة وانقرض أهل بيته فسار أزبك بن البهلوان من تبريز إلى مراغة واستولى على مملكة آل قرا سنقر ما عدا القلعة التي اعتصم بها الخادم وعنده الخزائن والذخائر‏.‏

  استيلاء منكلي على بلاد الجبل وأصفهان وغيرها وهرب أيدغمش وقتله

لما تمكن أيدغمش في بلاد الجبل بهمذان وأصفهان والري وما إليها عظم شأنه حتى طلب الأمر لنفسه وسار لحصار أزبك بن مولاه الذي نصبه للأمر‏.‏وكان بأذربيجان فخرج عليه مولى من موالي البهلوان اسمه منكلي وكثر جمعه واستولى على البلاد‏.‏وقدم أيدغمش إلى بغداد واحتفل الخليفة لقدومه وتلقاه وذلك سنة ثمان وأقام بها كان أيدغمش قد وفد سنة ثمان وستمائة إلى بغداد وشرفه الخليفة بالخلع والألوية وولاه على ما كان بيده ورجع إلى همذان ووعده الخليفة بمسير العساكر فأقام ينتظرها عند سليمان بن مرحم أمير الإيوانية من التركمان فدس إلى منكلي بخبره‏.‏ثم قتل أيدغمش وحمل أصحابه إلى منكلي وافترق أصحابه واستولى منكلي وبعث إليه الخليفة بالنكير فلم يلتفت إليه فبعث إلى مولاه أزبك بن البهلوان صاحب أذربيجان يحرضه عليه وإلى جلال الدين الإسماعيلي صاحب قلعة لموت لمساعدته على أن يكون للخليفة بعض البلاد ولأزبك بعضها ولجلال الدين بعضها‏.‏وبعث الخليفة العساكر مع مولاه سنقر الملقب بوجه السبع وأمره بطاعة مظفر الدين كوكبري بن زين الدين علي كجك صاحب إربل وشهرزور وهو مقدم العساكر جميعاً فسار لذلك وهرب منكلي وتعلق بالجبل ونزلوا بسفحه قريباً من كوج فناوشهم الحرب فانهزم أزبك‏.‏ثم عاد ثم أسرى من ليلته منهزماً وأصبحوا فاقتسموا البلاد على الشريطة وولى أزبك فيما أخذ منها ‏"‏ ‏"‏ مولى أخيه فاستولى عليها ومضى منكلي إلى ساوة وبها شحنة كان صديقاً له فقتله وبعث برأسه إلى أزبك واستقر ‏"‏ ‏"‏ في بلاد الجبل حتى قتله الباطنية سنة أربع عشرة وستمائة وجاء خوارزم شاه فملكها كما نذكر في أخباره ودخل أزبك بن البهلوان صاحب أذربيجان وأران في طاعته وخطب له على منابر أعماله وانقرض أمر بني ملك شاه ومواليهم من العراقين وخراسان وفارس وجميع ممالك المشرق وبقي أوزبك ببلاد أذربيجان‏.‏ثم استولى التتر على أعمال محمد بن تكش فيما وراء النهر وخراسان وعراق العجم سنة ثماني عشرة وستمائة وموالي الهند‏.‏وسار جنكزخان فأطاعه أزبك بن البهلوان سنة إحدى وعشرين وأمره بقتل من عنده من الخوارزمية ففعل ورجع عنه إلى خراسان‏.‏ثم جاء جلال الدين بن محمد بن تكش من الهند سنة اثنتين وعشرين فاستولى على عراق العجم وفارس وسار إلى أذربيجان فملكها ومر من أزبك إلى كنجة من بلاد أران‏.‏ثم ملك كنجة وبلاد أران ومر أزبك إلى بعض القلاع هنالك‏.‏ثم هلك وملك جلال الدين على جميع البلاد وانقرض أمر بني أزبك واستولى التتر على البلاد وقتلوا جلال الدين سنة ثمان وعشرين كما يأتي في أخبارهم جميعاً‏.‏انتهى الكلام في دولة السلجوقية فلنرجع إلى أخبار الدول المتشعبة عنها واحدة بعد واحدة والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين‏.‏بنو أنوشتكين كان أنوشتكين جدهم تركياً مملوكاً لرجل من غرشتان ولذلك لقال له أنوشتكين غرشة‏.‏ثم صار لرجل من أمراء السلجوقية وعظمائهم اسمه ملكابك وكان مقدماً عنده لنجابته وشجاعته‏.‏ونشأ ابنه محمد على مثل حاله من النجابة والشجاعة وتحلى بالأدب والمعارف واختلط بأمراء السلجوقية وولي لهم الأعمال واشتهر فيهم بالكفاية وحسن التدبير‏.‏ولما ولي بركيارق ابن السلطان ملك شاه وانتقض عليه عمه أرسلان أرغون واستولى على خراسان وبعث إليه العساكر سنة تسعين وأربعمائة مع أخيه سنجر وسار في أثره ولقيهم في طريقهم خبر مقتل أرغون عمهم وأن بعض مواليه خلفه فعدا عليه فقتله كما مر قبل‏.‏فسار بركيارق في نواحي خراسان وما وراء النهر حتى دوخها وولى عليها أخاه سنجر وانتقض عليه أمير أميران من قرابته اسمه محمد بن سليمان فسار إليه سنجر وظفر به وسمله‏.‏وعاد بركيارق إلى العراق بعد أن ولى على خوارزم إكنجي شاه‏.‏ومعنى شاه بلسانهم السلطان فأضيف إلى خوارزم على عادتهم في تقديم المضاف إليه على المضاف‏.‏ولما انصرف بركيارق إلى العراق تأخر من أمرائه قوعز وبارقطاش وانتقضا على السلطان ووثبا بالأمير إكنجي صاحب خوارزم وهو بمرو ذاهباً إلى السلطان شاه فقتلاه‏.‏وبلغ الخبر إلى السلطان وقد انتقض عليه بالعراق الأمير أنزو مؤيد الملك بن نظام الملك فمضى لحربهما وأعاد الأمير داود حبشي بن إيتاق في عسكر إلى خراسان لقتالهما فسار إلى هراة وعاجلاه قبل اجتماع عساكره فعبر جيحون وسبق إليه بارقطاش فهزمه داود وأسره‏.‏وبلغ الخبر إلى قودز فثار به عسكره وفر إلى بخارى فقبض عليه نائبها ثم أطلقه ولحق بالملك سنجر فقبله‏.‏وأقام بارقطاش أسيراً عند الأمير داود وصفت خراسان من الفتنة والثوار واستقام أمرها للأمير داود حبشي فاختار لولاية خوارزم محمد بن أنوشتكين فولاه وظهرت كفايته وكان محباً لأهل الدين والعلم مقرباً لهم عادلا في رعيته فحسن ذكره وارتفع محله‏.‏ثم استولى الملك سنجر على خراسان فأقر محمد بن أنوشتكين وزاده تقديماً وجمع بعض ملوك الترك وقصد خوارزم وكان محمد غائباً عنها ولحق بالترك محمد بن إكنجي الذي كان أبوه أميراً على خوارزم واسمه طغرل تكين محمد فحرض الترك على خوارزم وبلغ الخبر إلى محمد بن أنوشتكين فبعث إلى سنجر بنيسابور يستمده وسبق إلى خوارزم فافترق الترك وطغرل تكين محمد وسار كل منهما إلى ناحية ودخل محمد بن أنوشتكين إلى خوارزم فازداد عند سنجر ظهوراً والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق لا رب سواه‏.‏

  وفاة محمد بن أنوشتكين وولاية ابنه أتسز

ثم هلك محمد بن أنوشتكين خوارزم ولي بعده ابنه أتسز وسار بسيرة أبيه وكان قد قاد الجيوش أيام أبيه وحارب الأعداء فلما ولي افتتح أمره بالاستيلاء على مدينة مقشلاع وظهرت كفايته في شأنها فاستدعاه السلطان سنجر فاختصه وكان يصاحبه في أسفاره وحروبه وكلما مر يزيد تقدماً عنده والله تعالى أعلم بغيبه وأحكم‏.‏

  الحرب بين السلطان سنجر وأتسز خوارزم شاه

ثم كثرت السعاية عند السلطان سنجر في أتسز خوارزم شاه وأنه يحدث نفسه بالامتناع فسار سنجر إليه لينتزع خوارزم من يده فتجهز أتسز للقائه واقتتلوا فانهزم أتسز وقتل ابنه وخلق كثير من أصحابه واستولى سنجر على خوارزم وأقطعها غياث الدين سليمان شاه ابن أخيه محمداً ورتب له وزيراً وأتابك وحاجباً وعاد إلى مرو منتصف ثلاث وثلاثين‏.‏وكان أهل خوارزم يستغيثون لأتسز فعاد إليهم بعد سنجر فأدخلوه البلد ورجع سليمان شاه إلى عمه سنجر واستبد أتسز بخوارزم والله أعلم‏.‏

  انهزام السلطان سنجر من الأتراك الخطا وملكهم ما وراء النهر

ثم سار سنجر سنة ست وثلاثين لقتال الخطا من الترك فيما وراء النهر لما رجعو لملك تلك البلاد فيقال إن أتسز أغراهم بذلك ليشغل السلطان سنجر عن بلده وأعماله‏.‏ويقال إن محمود بن محمد بن سليمان بن داود بقراخان ملك الخانية في كاشغر وتركستان وهو ابن أخت سنجر زحفت إليه أمم الخطا من الترك ليتملكوا بلاده فسار إليهم وقاتلهم فهزموه وعاد إلى سمرقند وبعث بالصريخ إلى خاله سنجر فعبر النهر إليه في عساكر المسلمين وملوك خراسان والتقوا في أول صفر سنة ست وثلاثين فانهزم سنجر والمسلمون وفشا القتل فيهم‏.‏يقال كان القتلى مائة ألف رجل وأربعة آلاف إمرأة وأسرت زوجة السلطان سنجر وعاد منهزماً وملك الخطا ما وراء النهر وخرجت عن ملك الإسلام وقد تقدم ذكر هذه الواقعة مستوفى في أخبار ولما انهزم السلطان سنجر قصد أتسز خوارزم شاه خراسان فملك سرخس ولقي الإمام أبا محمد الزيادي وكان يجمع بين العلم والزهد‏.‏فأكرمه وقبل قوله‏.‏ثم قصد مرو الشاهجان فخرج إليه الإمام أحمد الباخوري وشفع في أهل مرو وأن لا يدخل لهم أحد من العسكر فشفعه وأقام بظاهر البلد فثار عامة مرو وأخرجوا أصحابه وقتلوا بعضهم وامتنعوا فقاتلهم أتسز وملكها عليهم غلاباً أول ربيع سنة ست وثلاثين وقتل الكثير من أهلها وكان فيهم جماعة من أكابر العلماء وأخرج كثيراً من علمائها إلى خوارزم منهم أبو بكر الكرماني‏.‏ثم سار في شوال إلى نيسابور وخرج إليه جماعة من العلماء والفقهاء متطارحين أن يعفيهم مما وقع بأهل مرو فأعفاهم واستصفى أموال أصحاب السلطان وقطع الخطبة لسنجر وخطب لنفسه‏.‏ولما صرح باسمه على المنبرهم أهل نيسابور بالثورة ثم ردهم خوف العواقب فاقصروا وبعث جيشاً إلى أعمال بيهق فحاصرها خمساً‏.‏ثم ساروا في البلاد ينهبون ويكتسحون والسلطان سنجر خلال ذلك متغافل عنه فيما يفعله في خراسان لما وراءه من مدد الخطا وقوتهم‏.‏ثم أوقع الغز سنة ثمان وأربعين بالسلطان سنجر واستولوا على خراسان وكان هؤلاء الغز مقيمين بما وراء النهر منذ فارقهم ملوك السلجوقية وكانوا يدينون بالإسلام فلما استولى الخطا على ما وراء النهر أخرجوهم منها فأقاموا بنواحي بلخ وأكثروا فيها العيث والفساد وجمع لهم سنجر وقاتلهم فظفروا به وهزموه وأسروه‏.‏وانتشر سلك دولته فلم يعد انتظامه وافترقت أعماله على جماعة من مواليه واستقل حينئذ أتسز بملك خوارزم وأعمالها وأورثها بنيه‏.‏ثم استولوا على خراسان والعراق عندما ركدت ريح السلجوقية وكانت لهم بعد ذلك دولة عظيمة نذكر أخبارها مفصلة عند دول أهلها والله تعالى ولي التوفيق بمنه وكرمه‏.‏

  وفاة أتسز وملك ولده أرسلان

ثم توفي أتسز بن محمد أنوشتكين في منتصف إحدى وخمسين وخمسمائة لستين سنة من ولايته وكان عادلاً في رعيته حسن السيرة فيهم‏.‏ولما توفي ملك بعده أرسلان بن أتسز فقتل جماعة من عماله وسمل أخاه‏.‏ثم بعث بطاعته للسلطان سنجر عندما هرب من أسر الغز فكتب له بولاية خوارزم‏.‏وقصد الخطا خوارزم وجمع أرسلان للقائهم وسار غير بعيد‏.‏ثم طرقه المرض فرجع وأرسل الجيوش لنظر أمير من أمرائه فقاتله الخطا وهزموه وأسروه ورجع إلى ما وراء النهر والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

  وفاة خوارزم شاه أرسلان وملك ولده سلطان شاه وبعده

ولده الآخر تكش وملك طغان شاه بن المؤيد ثم موته وملك ابنه سنجرشاه ثم توفي خوارزم شاه أرسلان بن أتسز من مرضه الذي قعد به عن لقاء الخطا وملك بعده ابنه الأصغر سلطان شاه محمود في تدبير أمه‏.‏وكان ابنه الأكبر علاء الدين تكش مقيماً في إقطاعه بالجند فاستنكف من ولاية أخيه الأصغر وسار إلى ملك الخط مستنجداً ورغبة في أموال خوارزم وذخائرها فأنجده بجيش كثيف وجاء إلى خوارزم ولحق سلطان شاه وأمه بالمؤيد أنه صاحب نيسابور والمتغلب عليها بعد سنجر وأهدي له ورغبه في الأموال والذخائر فجمع وسار معه حتى إذا كان على عشرين فرسخاً من خوارزم سار إليه تكش وهزمه وجيء بالمؤيد أسيراً إلى تكش فأمر بقتله وقتل بين يديه صبراً‏.‏ولحق أخوه سلطان شاه بدهستان وتبعه تكش فملكها عنوة وهرب سلطان شاه وأخذت أمه فقتلها تكش وعاد إلى خوارزم ولحق سلطان شاه بنيسابور وقد ملكوا طغان شاه أبا بكر بن ملكهم المؤيد‏.‏ثم سار سلطان شاه من عنده إلى غياث الدين ملك الغورية فأقام عنده وعظم تحكم الخطا على علاء الدين تكش صاحب خوارزم واشتطوا عليه وبعثوا يطلبونة في المال فأنزلهم متفرقين على أهل خوارزم ودس إليهم فبيتوهم ولم ينج منهم أحد‏.‏ونبذ إلى ملك الخطا عهده وسمع ذلك أخوه سلطان شاه فسار من غزنة إلى ملك الخد يستنجده على أخيه تكش وادعى أن أهل خوارزم يميلون إليه فبعث معه جيشاً كثيفاً من الخطا وحاصروا خوارزم فامتنعت وأمر تكش بإجراء ماء النهر عليهم فكادوا يغرقون وأفرجوا عن البلاد ولاموا سلطان شاه فيما غرهم فقال لقائدهم ابعث معي الجيش لمرو لانتزعها من دينار الغزي الذي استولى عليها من حين فتنتهم مع سنجر فبعث معه الجيش وسار إلى سرخس واقتحمها على الغز الذين بها وأفحش في قتلهم واستباحهم ولجأ دينار إلى القلعة فتحصن بها‏.‏ثم سار سلطان شاه إلى مرو وملكها وأقام بها ورجع الخطا إلى ما وراء النهر‏.‏وأقام سلطان شاه بخراسان يقاتل الغز فيصيب منهم كثيراً وعجز دينار ملك الغز عن سرخس فسلمها لطغان شاه بن المؤيد صاحب نيسابور فولى عليها مراموش من أمرائه‏.‏ولحق دينار بنيسابور فحاصر دينار سلطان شاه وعاد إلى نيسابور ولحق به مراموش وترك قلعة سرخس ثم ملك نطوش والتم وضاقت الأمور على طغان شاه بنيسابور إلى أن مات في محرم سنة اثنتين وثمانين وملك ابنه سنجر شاه واستبد عليه منكلي تكين مملوك جده المؤيد‏.‏وأنف أهل الدولة من استبداده وتحكمه فلحق أكثرهم بسلطان شاه في سرخس‏.‏وسار الملك دينار من نيسابور في جموع الغز إلى كرمان فملكها‏.‏ثم أساء منكلي تكين السيرة بنيسابور في الرعية بالظلم وفي أهل الدولة بالقتل فسار إليه خوارزم شاه علاء الدين تكش في ربيع سنة اثنتين وثمانين فحاصره بنيسابور شهرين فامتنعت عليه فعاد إلى خوارزم ثم رجع سنة ثلاث وثمانين فحاصرها وملكها على الأمان وقتل منكلي تكين وحمل سنجر شاه إلى خوارزم فأنزله بها وأكرمه‏.‏ثم بلغه أنه يكاتب أهل نيسابور فسمله وبقي عنده إلى أن مات سنة خمس وتسعين‏.‏قال ابن الأثير ذكر هذا أبو الحسن بن أبي القاسم البيهقي في كتاب مسارب التجارب وذكر غيره أن تكش بن أرسلان لما أخرج أخاه سلطان شاه من خوارزم وقصد سلطان شاه إلى مرو فملكها من يد الغز ثم ارتجعوها منه ونالوا من عساكره فعبر إلى الخطا واستنجدهم وضمن لهم المال وجاء بجيوشهم فملك مرو وسرخس ونسا وأبيورد من يد الغز وصرف الخطا فعاد إلى بلادهم‏.‏ثم كاتب غياث الدين الغوري وله هراة وبوشنج وباذغيس وأعمالها من خراسان يطلب الخطبة له ويتوعده فأجابه غياث الدين بطلب الخطبة منه بمرو وسرخس وما ملكه من بلاد خراسان‏.‏ثم ساءت سيرة سلطان شاه في خراسان وصادر رعاياها فجهز غياث الدين العساكر مع صاحب سجستان وأمر ابن أخته بهاء الدين صاحب باميان بالمسير معه فساروا إلى هراة وخاف سلطان شاه من لقائهم فرجع من هراة إلى مرو حتى انصرم فصل الشتاء ثم أعاد مراسلة غياث الدين فامتعض وكتب إلى أخيه شهاب الدين بالخبر وكان بالهند فرجع مسرعاً إليه وساروا إلى خراسان واجتمعوا بعسكرهم الأول على الطالقان‏.‏وجمع سلطان شاه جموعه من الغز وأهل الفساد ونزل بجموع الطالقان وتواقفوا كذلك شهرين وترددت الرسل بين سلطان شاه وغياث الدين حتى جنح غياث الدين إلى النزول عن بوشنج وباذغيس وشهاب الدين ابن أخته وصاحب سجستان يجنحان إلى الحرب وغياث الدين يكفهم حتى حضر رسول سلطان شاه عند غياث الدين لإتمام العقد والملوك جميعاً حاضرون فقام الدين العلوي الهودي وكان يختصه وهو يدل عليه فوقف في وسط المجمع ونادى بفساد الصلح وصرخ ومزق ثيابه وحثي التراب على رأسه وأفحش لرسول سلطان شاه‏.‏وأقبل على غياث الدين وقال كيف تعمد إلى ما ملكناه بأسيافنا من الغز والأتراك والسنجرية فتعطيه هذا الطريد إذ لا يقنع منا أخوه وهو الملك بخوارزم ولا بغزنة والهند فأطرق غياث الدين ساكناً فنادى في عسكره بالحرب والتقدم إلى مرو الروذ وتواقع الفريقان فانهزم سلطان شاه وأخذ أكثر أصحابه أسرى ودخل إلى مرو في عشرين فارساً‏.‏ولحق الفل من عسكره وبلغ الخبر إلى أخيه تكش فسار من خوارزم لإعتراضه وقدم العساكر إلى جيحون يمنعون إلى الخطا وسمع أخوه سلطان شاه بذلك فرجع عن جيجون وقصد غياث الدين ولما قدم عليه أمر بتلقيه وأنزله معه في بيته وأنزل أصحابه عند نظرائهم من أهل دولته وأقام إلى انصرام الشتاء‏.‏وكتب أخوه علاء الدين خوارزم إلى غياث الدين في رده إليه ويعدد فعلاته في بلاده وكتب مع ذلك إلى نائب غياد الدين بهراة يتهدده فامتعض غياث الدين لذلك وكتب إلى خوارزم شاه بأنه مجير له وشفيع في التجافي عن بلاده وانصافه من وراثة أبيه ويطلب مع ذلك الخطبة له بخوارزم والصهر مع أخيه شهاب الدين فامتعض خوارزم شاه وكتب إليه يتهدده ببعض بلاده فجهز غياث الدين إليه العساكر مع ابن أخته أبو غازي إلى بهاء الدين سامي صاحب سجستان وبعثهما مع سلطان شاه إلى خوارزم وكتب إلى المؤيد أبيه صاحب نيسابور يستنجده وكانت ابنته تحت غياث الدين فجمع المؤيد عساكره وخيم بظاهر نيسابور‏.‏وكان خوارزم شاه عزم على لقاء أخيه والغورية وسار عن خوارزم فلما سمع خبر المؤيد عاد إلى خوارزم واحتمل أمواله وذخائره وعبر جيجون إلى الخطا وترك خوارزم‏.‏وسار أعيانها إلى أخيه سلطان شاه والبوغازي ابن أخت غياث الدين فآتوا طاعتهم وطلبوا الوالي عليهم‏.‏

  وتوفي سلطان شاه

منسلخ رمضان سنة تسع وعاد البوغازي إلى خاله غياث الدين ومعه أصحاب سلطان شاه فاستخدمهم غياث الدين وأقطعهم وبلغ وفاة سلطان شاه إلى أخيه خوارزم تكش فعاد إلى خوارزم وعاد الشحنة إلى بلاد سرخس ومرو فجهز إليهم نائب الغورية بمرو عمر المرغني عسكرأ ومنعهم منها حتى يستأذن غياث الدين‏.‏وأرسل خوارزم شاه إلى غياث في الصلح والصهر في وفد من فقهاء خراسان والعلوية يعظونه ويستجيرون به من خوارزم شاه أن يجيز إليهم الخطا ويستحثهم ولا يحسم ذلك إلا صلحه أو سكناه بمرو فأجابهم إلى الصلح وعقدوه ورد على خوارزم تكش بلاد أخيه وطمع الغر فيها فعاثوا في نواحيها وجاء خوارزم شاه إليها ودخل مرو وسرخس فسار إلى البورد وتطرق إلى طوس وهي للمؤيد ابنه فجمع وسار إليها وعاد خوارزم شاه إلى بلده وأفسد الماء في طريقه واتبعه المؤيد فلم يجد ماء‏.‏ثم كر عليه خوارزم شاه وقد جهد عسكره العطش فأوقع بهم وجيء إليه بالمؤيد أسيراً فقتله وعاد إلى خوارزم وقام بنيسابور بعد المؤيد ابنه طغان شاه ورجع إليه خوارزم شاه من قابل فحاصره بنيسابور وبرز إليه فأسره وملك نيسابور‏.‏واحتمل طغان شان وعياله وقرابته فأنزلهم بخوارزم‏.‏قال ابن الأثير هذه الرواية مخالفة للأولى وإنما أوردتها ليتأمل الناظر ويستكشف أيهما أوضح فيعتمدها والله تعالى أعلم‏.‏